6 مايو 2012

كبرتُ عامين في هذا العَام ..! و رسالةٌ (إليكِ ~)

نادراً ما آتي إلى هُنا لنفس الغَرض التي أتيتُ له اليَوم ..
أكره هذا الشُعور .. و لكنني أرتاحُ له .. أن أكتُب لأنني أحتاجُ للكتابة .. و لكِن ليس لأنني أريد ..
أعلم أنني دائماً ما أكتُب لأنني أحتاج و لكِن .. أكُتب برغبة .. برغبة و شوق لهذه الحاجة ..
لستُ أكتب الآن لأنني لا أجد من يسمعني .. و لكِن ..
لا أظن أنني قد أجد من يفهمُني .. من يفهم أبجديتي المُبعثرة ..
من يفهم وصفي لمشاعري التي تتلعثم عند خرُوجها ..
من يفهم لماذا أتوقف .. و من ثُم أعُود للحديث ..


غريبة هي الحياة .. أعلم أنني كررت هذا كثيراً في الأعوام الماضيّة .. و لكن .. اليَوم فقط .. هذا العام فقط
فهمتُ غرابتها .. اليوم .. شعرت حقاً بالغرابة التي تعتري الأيام ... و الغُربة التي يُخلفها مُضيها ..
هذا العام شعرت بقسوة الدروس التي تُلقنها الحياة .. و شعرت بالعِبرة التي تُخلفها ضرباتها ..
هذا العام شعرتُ أنني كبرتُ عامين .. و لم أكبر مُجرد عام ..
هذا العام تعلمتُ فيه من الأيام .. لأول مرّة أشعر أنني (أتعلم من الحياة) ..!
و كأن تجاربي فيها هي أول سنة أقضيها في هذه المدرسة القاسية .. الرحيمة ..
التي تقسُو كيّ لا نُوقع أنفسنا في نفس الحُفر التي يمتلئ بها طريقنا ..

لطالما [ كُنت ] أتعجب من قسوة الناس .. أو ما ظننته قسوة ..
أتعجب من المشقّة التي يرونها في (التسامح) أو (التغاضِي) أو (النسيان) .. في (المُضي قُدما) ..
من (عزّة أنفسهم) أمام دُنيا يعلمون بفنائها .. مِن صُعوبة تقبلهم (لأخطاء الناس في حقهم) مع انهم يعلمون
أننا جمعينا في النهاية .. راحلون .. أننا كُلنا .. مُجرد عابري سبيل .. أننا كُلنا بحاجة .. و لكننا في الحقيقة
لا نحتاج إلا للواحد الأحد ... دائماً ما كُنتُ أتعجب .. و أتعجب ..
و لكنني لم أتوقع يوماً أن أتعجب (منّي) ..!
لأول مرّة .. تحولت كُل تلك المفاهيم إلى واقعٍ طُبع فيني .. لأول مرّة أشعر حقاً .. بتلك المشقّة ..
لأول مرّة أشعر بـ صُعوبة التغاضِي.. بصُعوبة الغُفران .. بالألم و المشقّة التي تعتري مُحاولات النسيان ...!
كثيراً ما سألت نفسي بعد ما مررت فيه هذا العام .. أهذا ما أصبحتي عليه ؟
أتلبسين ما كُنتي تستنكرينه قبل عام في الناس ؟! أيُعقل أن تتبدل مبادئك في ظرف عام ؟!
أهذا ما أصبحتُ عليه .. هل أنا (قاسيّة) لأنني أرفض النسيان ؟؟!
أرفض التغاضي عن الكذب .. و أرفض السير قُدما و التغاضي عما كان ؟!

و لكنني و أخيراً أفهم .. و أخيراً أفهم سبب تصرفي و ما يعنيه ..
و أخيراً فهمت ما كُنت أستنكره في الناس .. اليَوم فقط أعذرهم ..
أجل لستُ قاسية .. ومبادئي لم تتبدلّ ..لا زلتُ نفس الشخص .. و لكِن بفهمٍ أعمق .. و نظرةٍ أفضل ..
لأنني اليوم فقط .. تأكدت .. أنكّ حقاً لا تفهم مشاعر أي شخص .. و لا تستطيع أن تُؤَوِل افعاله أو تفسرها
إلا لو ... [ مررت فيما يمرّ فيه ] ..! فقط حينها ستفهم كُل أبجدياته .. تصرفاته .. تفكيره .. !
لم أعذر قسوة الطيبين على أحبائهم الذين أخطئوا في حقِّهم .. و لم أتقبل جُمود مشاعرهم بعد دفئها ..
إلى أن طُعنت ..
إلى أن إخترقت خناجر الكذِب أجنحتي ..
فقط هذا العام فهمت .. و عذرت القسوة ..
لأن في هذا العام فقط طُعنت كما طُعنوا ..
في هذا العام فقط .. تعلمتُ كيف للطيِّب أن يقسو ..
و لن يفهم قسوتي .. إلا من مرّ بمثل تجربتي ..
و لن يعذر قسوتي .. سوى من طُعن بنفس الخنجر ..
و لن يفطن أحد .. أن هذه ليست قسوة .. أن هذه (عزّة نفس) ..
و لن يستنكر عزّة نفسي .. إلا من لم يُطُعن من الخلف ..
فعلم أن عزة النفس هي الدرع الذي سيقيه من الطعن مُجدداً .. من نفس الخنجر .. و نفس الشخص ..!
لأنني حتى أنا كُنت أستنكرها .. و لكِن صدقني .. الحياة تُعلمك ما لا تتوقعه ..
و دروسها تُغير فيكَ .. و تغير مبادئك .. لتقيك ..
هي فقط تُزيل الستار عن الحقيقة .. الحقيقة المُؤلمة في بعض الأحيان ..!
~


إليكِ ..
أجل .. طعنتني .. و كذبتي .. و رُبما حين فعلتي .. ظننتي أن الأيام ستكُون كفيلة بتضميد الجراح ..
رُبما ظننتي أنها ستكُون كفيلة بإرجاع كُلِّ شيء كما كَان .. و لكِن ( لا ) ..
قد تكُوني نادمة .. و قد يُحزنكِ الحنين .. و يُوجعك الفقد ..
و لكِن ما فائدة الندم بعد ما كان ؟! أيُرجع الندم الأوراق التي أُسقطَت إلى الأشجار ؟!
أيشفي الجراح ؟ أيُغني عما كان ؟
و إن كُنتي ترجين الصفح ... فهُو لا يأتي دُونما (إعتذار) ... ألا تظنين أننّي أقلّها .. أستحق الإعتذار ؟!
و لوّ أنّه هو أيضاً .. لا يُرجع البناء الذي إنهد  .. و لا يذيب الثلج .. و لكنه قد يُحركه ..
قد يُشعرني أنكِ حقاً تشعرين ..
عزيزتي ..
إننا نُسامح لـ (نرتاح) .. و لكننا لسنا اطفالاً لننسى ..
أجلّ .. قد أسامحكِ .. و أظنني فعلت .. فأنتِّ لا تستحقين أن أُوجع ضميري لأجلك ..
سامحتك .. و لكِن [ يـ ـسـ ـتـ ـحـ ـيـ ـل] أن أثق بكِ مرةً أُخرى .. (يستحيل) أن يعُود كُل شيءٍ كما كان ..
فلا تُوجد ممحاة .. تُعيد الورقة البيضاء .. بيضاء ..
لا بُد أن تظلّ .. تلك الخطُوط العميقة المحفورة فيها .. التي أزالت الأيام لونها ..  تبقى ..
لتُذكرني بغدرك .. لتُذكرني بكذبك ..!

يُحزنني ما آل إليه مآلك .. حقاً .. أشفق عليك ..
و لكنكِ تستحقين عزيزتي .. رُبما ليس بهذه القسوة .. و لكن ...
أنت من جنيت هذا بنفسك .. ها أنتي تحصدين ما زرعتي ..
و نحنُ لم نعُد أطفالاً .. بالتأكيد كُنتِ تعلمين عواقب ما فعلتي .. و رُغم ذلك فعلتِه ...!
لا يجب أن يعُود كل شيءٍ كما كان .. إننا نسامح و في النهاية قد ننسى و لكن .. يصعب
أو بالأحرى يستحيل أن أعُود كما كُنت .. هنآك كيآن كآن يجب عليك إحترآمه .. :( ‎
أُشفق على حالكِ .. و لكِن الجُرح الذي تسببتي به أعمق ..
و هُنا يأتي دورُ (عزّة النفس) التي لم يُنبتها فيني أحدٌ غيرك ..
التي تعلمتها و أجدتها بسبب فِعلتك .. فـ شُكراً عزيزتي ..
هذه العزّة هي التي ستقيني من أن أُطعن بنفس الخنجر .. خنجركِ أنت ..
يستحيل أن أطعَن بنفس الخنجر في نفس المكان ..

و كما قُلتي .. حصلتي على أصدقاء جُدد .. تُحبينهم ..
أتمنى أن يكُونوا أفضل منا .. و تكُونين معهم أفضل مما كنتي معنا ..
أتمنى أن تدُوم صداقتكُم .. و أن لا تكبُر و تتفرع  و تُقطع بفأس الكذب في النهاية ..
حافظي على أصدقائك الجيدين .. فهُم هبة لا نُرزق بها كُلّ يوم ..
أتمنى لكِ التوفيق عزيزتي .. حقاً .. أتمنى لكِ ذلك .. (:
فـ والله (لا أكرهكِ) رُبما كرهتُك في البداية بسبب ما فعلته .. و لكنه كان كُرهاً عن غضب ..!
الأيام التي عشناها .. الصداقة التي جمعتنا .. تشفع لكِ .. رُغم أنها لا تُشفي ..
فـ هُنا أضع نُقطة .. في نهاية صداقة كانت رائعة في بعض أجزائها ..
من هُنا و أخيراً .. يبدأ مُفترق الطرق .. لتمضي كُلّ منّا في سبيلها ..
فـ بالرغم أنني أشعر أنني قد (كبرت عامين) في هذا العام .. لكننا لا زلنا صغاراً ..
لا زلنا في ربيع أعمارنا .. رُبما تكُون أمام كُلٍ منا حياة طويلة لتعيشها .. بخريفها  و شتائها ..
فدعينا من هُنا .. عن بعضنا [نرحل] .!

(:

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | 100 Web Hosting ta3rib : Abed